. . . . . الحمد لله رب العاملين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد عليه افضل الصلاة والتسليم .
. . . . . وبعد : فإن بناء المجتمع القوي يعتمد على بناء الإنسان الذي يعتبر القاعدة الرئيسية والدعامة الأساسية لبناء الدولة ، فكلما كانت النسبة العظمى من السكان قوية ومؤثرة في جميع مقومات الحياة كانت الدولة كذلك . ومن هنا جاءت أهمية اهتمام كل دولة في بناء الفرد في مجتمعها عن طريق تسخير أولويات التنمية من الموارد والتخطيط والتطوير لبناء الإنسان من جميع جوانبه عقله وفكره وجسمه ووفرت له كل الإمكانيات المتاحة .
. . . . . . ومن أجل متانة القواعد وسلامة البناء استلزم التعرف على هذا الإنسان وشرح أفكاره وأحواله والوقوف على المؤثرات الداخلية والخارجية التي تقوده إلى الأمام أو تعيده إلى الخلف بدءا من طفولته مرورا بمراهقته ثم شبابه وحتى هرمه . حتى يمكن مساعدته على تجاوز محنه ومتاعبه فينطلق باستقلالية وحرية ويبحر بمفرده موظفا جميع إمكانياته وقدراته في مستقبل أمته وينهض بها إلى الأمام لتكون في مقدمة الأمم .
. . . . . . . ولكي تكون تلك القواعد التربوية ملائمة وتقوم على بناء سواعد قوية قادرة على تحقيق آمال أمتها وتطلعاتها . لأبد أن نمنح الأولاد الاهتمام الكافي المسنود بمعرفة كل ما يخالج نفوسهم ما يسعدهم وما يحزنهم ، لابد أن نبني فيهم العزيمة والتصميم للوقوف على قمة هذه الحياة ومواجهتها والتعامل معها بقلب قوي مفعم بالحب والحيوية والثقة حتى يمتلك كل فرد منهم القدرة على الإنجاز والعطاء . مشاركين الآباء و التربويين التعاون للرقي بهذا النشء إلى الأمام بهمة ونشاط بغير تخاذل أو تواكل . وهذا الحلم الكبير والأمل العريض يدفعنا نحن الأباء إلى التفكير بتحسين أدواتنا وأساليبنا حتى تتغلب على سموم الجهل ونفوذ الشر وتجد لها مداخل رحبة في عقليات أولادنا فيؤمنون بها ويسيرون على نهجها .
. . . . . . . هذا التوجه التربوي المستمر للبحث عن أيسر السبل لتربية الأولاد، قادني للمساهمة بنقل صور متنوعة من أفكار رجال التربية وعلم النفس وتجارب الأهل حول طبيعة التعامل مع هذا النشء الغالي بأساليب تربوية مدروسة عبر رحلة قصيرة أطوف بها مع القارئ الكريم مشوار قدرات الأولاد وغرائزهم ودوافعهم واهتماماتهم ومستوى أفكارهم معرجا على المشاكل العضوية والنفسية والاجتماعية والتعليمية التي قد تفتك بأولادنا أو تؤثر على اندماجهم في الحياة وعلى طبيعة تعاملهم وحصيلتهم التعليمية ومطالبا كغيري بنجدتهم قبل أن يحفروا قبورهم بأيديهم . كما رأيت أن يشتمل هذا البحث الميداني على التعريف بكل فقرة مع التحليل والحل مصحوبا بالقصص والمواقف والأدلة المشرقة من الكتاب والسنة .
. . . . . . . و قد خصصت لهذه الرحلة ثلاثة أبواب لكل باب منها ثلاثة فصول . حرصت أن أتحدث عن معظم الجوانب التي تهم الأباء والتربويين مدركا بأن الغاية صعبة المنال ولكنها مساهمة متواضعة في وضع شمعة على طريق مختل الإضاءة يحتاج إلى مداومته باستبدال الإضاءات المحروقة بجديدة حتى تتحسن الرؤية المتقلبة لجميع السالكين أباء وأولادا في ظل تقلبات مناخ العصر المتطور . فإن أصبت فالفضل من الله وإن أخطأت فمن نفسي .
. . . . . وأخيرا اسمحوا لي أن أسدي شكري وتقديري لكل الذين وقفوا معي وشجعوني على إتمام هذا الموضوع بصورته الحالية التي أضعها بين أيديكم . والله الموفق . والسلام عليكم .
* * تنويه
. . . . . لقد استخدمت في هذا الكتاب بعض المدلولات والكلمات التالية :
* استخدمت كلمة أباء والمقصود بها الأباء والأمهات ومن يحل محلهم من الأقارب وكذلك المربين والمربيات في المدارس وغيرهم ممن يتولى مسئوليتهم .
* استخدمت في الكتابة لفظ الأولاد وقصدت بها الفتيان والفتيات .
* ورد تكرار لبعض المعاني والعبارات دعت إليها حاجة الموضوع أو رغبة في تأكيد جانب ما.
* حرصت أن تكون استفادتي بتصرف من أغلب المراجع التي رجعت إليها سعيا إلى تلافي أي خلل بالنص المنقول يسيء إلى المضمون الصحيح الذي أورده صاحب الكتاب .
* موضوع التربية طويل وكل زاوية فيه أو فقرة تحتاج بمفردها إلى بحث طويل ولعل ما تم إنجازه يسهم بتحقيق الهدف المنشود بغير إيجاز يخل بالمعنى أو إطناب يضعف العزيمة على المواصلة .