الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسولنا الأمين محمد بن عبد الله عليه افضل الصلاة والتسليم وبعد :
هل يمكن أن يتصور الفرد كيف ينجو بنفسه من الهلاك . ؟ عندما يسير على أرض هشة منزلقة بمحاذاة نهر أو بئر أو على حافة قمة جبل أملس ألا يولد هذا المشهد الخوف والقلق من المخاطر التي تنتظره كالانزلاق والسقوط ؛ ثم الهلاك . ؟ سواء كان ذلك المتحرك يسير على قدميه أو بواسطة وسيلة نقل أو كان يعوم في أعماق البحار أو يطير في الفضاء بدون تدريب ووسائل آمان .
فاليتيم ومن في حكمه هو الآخر يحس بنفس الشعور عندما يعيش على أرض رخوة ليس فيها دعائم آمنة يحس بالخوف والقلق خشية السقوط لكونه الطرف الأضعف أو الشماعة الذي يعلق عليها كل العيوب والأخطاء .
ومع رحلة الهواجس والتخيلات المضنية التي تغمر مشاعره وتشغل فكره ؛ إلا أنه يصحو ويفيق من تخيلاته المريضة ويشمر عن ساعديه ويثبت ذاته بفضل اعتماده على الله ثم بفضل صبره وصموده ومساعدة الخيرين له ويتجاوز كل العقبات والمعوقات ولا يستسلم لبواعث الألم و الأوهام ، كما يستوعب الواقع عندما يستطيع بفضل إدراكه وفهمه للحياة أن يقف على أرض صلبة ومتينة تمنحه الثقة والقدرة على إثبات نفسه في كل مجالات الحياة .
ومواجهته للحياة في موقت مبكر مع العمل الجاد الدؤوب تصقله وتمنحه القدرة على الصمود أمام الرياح العاتية بحيث يتخذ من الصبر والتجلد والمثابرة وقودا لمواصلة رحلته الطويلة وطريقا معبدا للصعود إلى سلم المجد حاملا مشعل التفوق ووسام العصامية والنجاح .
ومن أجل وضوح هذه الرؤية ومعرفة سلامة فحواها ؛ لابد لنا من اصطحاب هذه الفئة في حياتهم والتعرف على أعماقهم ومكنون نفوسهم وأحاسيسهم والرؤية المتبادلة بينهم وبين مجتمعهم ودور المجتمع الرسمي والأهلي والمؤسسات الاجتماعية التي تقوم على خدمتهم والبحث عن الإيجابيات والقصور ومحاولة معالجة المؤشر وميزان الحكم حتى نصل للحقيقة الواضحة التي تفرض وجودها متجاوزين البحث عما نريده ونبحث عنه .
متناولا الموضوع في ثلاثة فصول : الفصل الأول يفحص سلامة الرؤية والمرآة التي تصوير وتعكس واقع فاقدي الأباء في ظل العقبات والمواقف والمتاعب التي يواجها الأيتام ومن في حكمهم مرورا بنظرة المجتمع لهم ، ثم عطرت نهاية الفصل بفضل كفالة اليتيم ورعايته .
وفي الفصل الثاني شرحت جهود الدول ودور المؤسسات الاجتماعية والجمعيات الخيرية والمنظمات الإنسانية والوقوف على ما يعترض طريق الطفل من هموم والبحث عن حلول لها ومحاولة استقصاء أسباب وجود هذه الفئة وعن أهم سبل الوقاية .
وفي الفصل الثالث ركزت على كيفية معالجة المشاكل التي تصاحب هذه الفئة أكثر من غيرها ومعرفة الأساليب والخطوات الصحية وكيف يتم اختيار المهنيين الاجتماعيين ثم تناولت جانب مهم من المشاكل التي تواجه الأطفال باحثا عن الطرق والسبل المؤدية للعلاج وغير ذلك من الموضوعات التي شملتها لائحة العناوين .
وأخيرا تحدثت على ما تستحوذ عليه هذه الفئة من اهتمام ورعاية كبيرة وما تنعم به من بذل وسخاء يستقطع من حصة البرامج الاجتماعية في معظم الدول التي تهتم وتركز على الرعاية الاجتماعية وتضع لها الأولوية في خططها ومشروعاتها التنموية ؛ على الرغم من أن حجم هذه الفئة قليل جدا إذا ما قورنت بعدد السكان في المجتمعات العربية والإسلامية بحكم التمسك الديني والأعراف والعادات .
وبهذا الطرح المتواضع أرجو أن أكون وفقت في إرسال إشارة ضوئية حول هذه الفئة العزيزة من المجتمع الإسلامي ؛ شاكرا كل من ساهم معي وساعدني ؛ مدركا بأن الغاية كبيرة والوفاء بها على الوجه المطلوب صعب المنال ؛ فإن وفقت فمن الله وإن أخطأت فمن نفسي والشيطان ؛ وأسأل الله العفو و المغفرة ثم العذر من كل تقصير وبالله التوفيق .