الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على النبي الأمين محمد بن عبد الله عليه أفضل الصلاة والتسليم . وبعد
يعتبر التسول بكل فنونه ودروبه حرفة قديمة وحديثه وظاهرة عالمية تمارس في الحياة عبر وسائل معلنة وواضحة وبواسطة أقنعة تستتر خلفها ، والحكم على هذه الظاهرة من خلال زاوية ورؤية محدودة تتخذ من منافذ التسول طريقا للتحايل والكذب والتلاعب ؛ دون النظرة الفاحصة الدقيقة والشاملة لكل أوجه التسول وتقييم واقع وظروف الشريحة الأكبر من المحتاجين التي يصعب عليها البحث عن حاجاتها وإعلان نفسها ، أو التي تحصل على مساعدات قليلة لا تكفيها أو لا تجد مساعدة أو تلك التي تفاجأ بظروف حرجة وطارئة .
هذا المفهوم المتفاوت في تقييم حاجة المتسولين والمحتاجين قادني للمساهمة في تسليط الضوء على ظاهرة التسول لمعرفة فئاتها ومساحتها وتحليل أسبابها ودوافعها والبحث لها عن حلول داخل الجهات الرسمية وخارجها مع استبدال كلمة مكافحة بكلمة تلائم الجهود المبذولة ، حتى لا يقترن مدلولها بمهام وحدة مكافحة الجراد وذلك عبر ثلاثة فصول
استعرض الفصل الأول منها : الوقف على سحر التسول وجاذبيته وصور الاستجداء وحالة المتسول عند مزاولته للتسول والتعرف على شخصيات المتوسلين ومهنتهم وأدواتهم ونماذجهم ووسائلهم وحيلهم وشرائحهم ، ثم أخيرا تم الوقوف على كيفية مساعدة الفقراء والنظرة الشرعية للتسول .
وفي الفصل الثاني تم تخصيصه لتقييم الجهود القائمة ووسائل التسول في الدول المتقدمة والوسائل والمنافذ لإيصال المساعدات والمعوقات التي تحول دون تحقيق ذلك مستعرضا دور الجهات الرسمية والأهلية ودور الإعلام والتوعية في المساهمة لمعالجة هذه الظاهرة .
وفي الفصل الثالث تناول معوقات المعالجة وشرائح المتسولين والحلول القائمة والمقترحة والملامح الوقائية لمعالجة المشكلة ونظام التكافل الاجتماعي ثم الخاتمة
وبهذا يمكن القول بأنه عند تسليط الضوء على ظروف ودوافع المتسولين ينبغي أن لا نجري خلف مظاهر التحضر بإفراط ، دون أن نعي أهمية المسئولية أمام الله ثم أمام المجتمع ، وبالتالي نحسن من موائمة دفة الميزان لمعالجة الظاهرة بمصداقية تنبع من حقوق المتسولين على المجتمع بالتكافل الاجتماعي وعبر البوابات الرسمية المتخصصة المطالبة بالمعالجة والإشباع وسد الحاجة وتوفير فرص عمل .
فإذا لم نملك التشخيص السليم والعلاج الملائم ؛ فلابد أن نبعث بالقضية لمن يملك القرار ليبحث لها عن حلول عملية تعطي المحتاج حقه الذي كفله له رب العالمين في كتابه الكريم ، عوضا على المهدئات التي تزيد العلة وتطيل عمر المشكلة حتى نكون جديرين بحمل الأمانة على الوجه المطلوب .
أرجو بهذا الطرح المتواضع التوفيق في الرؤية والمعالجة بطريقة عادلة ومتوازنة والحمد لله أولا وآخر ؛ والله الموفق .